قصص للأطفال : الكلاب الثلاثة
قصص للأطفال : الكلاب الثلاثة
تدور قصتنا هذه حول راع شاب وجد نفسه في السجن بالرغم من
أنه لم يرتكب أي ذنب، لقد كان شخصا صادقا ووفي وطيب وسجنه كان ظلما كبيرا.
عاش هذا الراعي الشاب مع أبيه وأخته في منزل ريفي صغير،
ولما مات والدهما كان كل ما تركه لهما كان ذلك البيت وثلاث خراف، لم تكن تركة
كبيرة، فقرر الأخ تقاسمها مع أخته فقال لها: "ماذا تختارين الخراف أم
البيت؟"، فردت قائلة :"سآخذ المنزل، شكرا جزيلا".
قبل الشاب وترك المنزل وذهب للبحث عن حظه في هذه الحياة
بابتسامة عريضة وأمل كبير يسوق أمامه الخراف الثلاثة، كان مصمما على النجاح وان
يصبح غنيا، وابتسم له الحظ مجددا وقام بصفقة أفضل من الصفقة التي قام بها مع أخته.
على احدى الهضبات التقى برجل له ثلاثة كلاب: كلب صغير
أبيض يدعى ملح، وكلب متوسط أسود يدعى فلفل، وكلب كبير أصفر يدعى خردل، صاحب هذه
الكلاب قال لصديقنا الراعي الشاب: "خرافك تبدوا بصحة جيدة وقد سمنت
كثيرا" وفي الحقيقة لم تكن سمينة ولكن الراعي الشاب أجابه "نعم هي
كذلك"، فقال له الرجل :"هلا أعطيتني خرافك الثلاثة مقابل هذه الكلاب
الثلاثة؟"، فكر الشاب قليلا وقال لنفسه:" راع من دون كلاب كعنكبوت من
دون بيت، تبدو هذه صفقة جيدة لي !" وبعد
أن نظر للأمر من كل زاوية أجاب:" حسنا إذن فلنتبادل".
وواصل صديقنا طريقه إلى حيث لا يعلم أين والكلاب الثلاثة
تتبعه وذيولها مرفوعة إلى الأعلى.
حل المساء وتوقف الراعي ومسح جبينه وقال: "لقد تعبت
وأنا جائع جدا" نظر إليه الكلب الأبيض الصغير ملح بعينيه الكبيرتين الذكيتين،
لقد فهم ما قاله ثم ركض بعيدا، وبعد قليل عاد بسلة مليئة بالطعام الشهي، فرح الشاب
كثيرا وتقاسم الطعام مع كلابه الثلاثة ثم استسلم للنوم على العشب الطري، كانت ليلة
دافئة ونام الجميع حتى الصباح.
في اليوم الموالي واصل صديقنا طريقه وعند منتصف النهار
كان واقفا عند مفترق طرق أين رأى عربة قادمة باتجاهه، كانت عربة تحمل الجنائز
للناس المهمين والأغنياء وكان يقودها رجل يلبس الأسود، ناداه الشاب وقال له:
"مساء الخير يا سيدي، من هذا الرجل أي السيدة المهمة التي ماتت؟"
فأجابه السائق: "لم يمت احد بعد، ولكنني أحمل
الأميرة في عربتي لأسلمها لتنين المستنقع الذي طلب أن يحضروها إليه كي يتناولها
على العشاء".
"يا إلهي ! كيف تفعل شيء كهذا ؟"
أجابه الراعي، فقال السائق: "لقد أمرني الملك بذلك لأن التنين أصر أن يحضروا
له الأميرة ولا يرضى بغيرها وإلا أحرق المدينة كلها."
لم يرى الشاب الأميرة لأن ستائر العربة كانت تغطي
النوافذ ولكنه سمعها تبكي بالداخل، فغضب كثيرا من هذا الظلم وقال للسائق:
"كيف يجرأ هذا التنين على طلبه هذا؟ دعني اذهب معك وأتحدث إلى هذا التنين
الوقح وأعلمه كيف يحسن التصرف".
"كما تريد، ولكني أحذرك لأنه سوف يهاجمك بناره
ويحرقك". أجابه السائق، فرد الشاب:" أقبل بالمخاطرة".
وانطلق الثلاثة نحو المستنقع أين يقيم التنين، وعندما
وصلوا قفز الشاب من العربة وانتظر كلابه الثلاثة التي كانت تتبعهم، وسمع الجميع
صوتا مخيفا كأنه خارج من باطن الأرض ولكنه في الحقيقة كان صوت التنين الذي ظهر
أمامهم وكان ضخما يشبه أفعى كبيرة جدا.
بدأت الكلاب بالنباح وانطلق الكلب الأسود المتوسط الحجم
الذي يدعى فلفل وسبح في المستنقع إلى حيث كان التنين، وبدأ قتال ضار بينهما، كان
يبدوا أن التنين هو المتفوق ولكن الكلب أمسكه من العنق وقتله، وعاد إلى صاحبه يحمل
سنا كبيرة للتنين في فمه. تلقاه صديقنا بشكر وثناء لا نهاية لهما.
فقال السائق: "سوف يكون الملك جد سعيدا عندما سيسمع
أن ابنته قد أنقذت وأن التنين الذي كان يخيف المدينة قد قتل". فأجابه
الراعي:" أظنه سيكون كذلك، والآن يجب علي الذهاب لأنني متلهف لأصبح
غنيا"، وبهذا غادر الشاب سائق العربة وذهب في سبيله يتبعه كلابه الأوفياء
الثلاثة.
عاد السائق بالأميرة إلى القصر وتوجه مباشرة إلى الملك
ليشرح له ما حدث:" يسعدني أن أخبرك يا مولاي أنه لا داعي لإطعام الأميرة
للتنين، لأنني قد قتلته وأنقذت الأميرة والمدينة من شره إلى الأبد".
"أو يا إلهي ما هذه الأخبار المفرحة والرائعة !" أجابه
الملك وهو يمسح دموعه، فقال السائق :" أتوقع أنك سعيد وتريد مكافأتي على هذا
العمل البطولي يا مولاي"، " نعم نعم بالطبع، سوف تكون زوج ابنتي جزاء
انقاذها وجزاء شجاعتك واقدامك الكبيرين".
أعلن الخبر ولكن الأميرة لم تكن سعيدة وقالت: "ماذا
؟ أتزوج ذلك السائق الأحمق؟ أفضل أن أطعم للتنين على أن أتزوجه".
لم يكن في وسع الملك التراجع عن قراره ولكنه عن مشاهدته
لحزن ابنته وافق على تأجيل الزفاف قليلا، حتى تتعافى الأميرة من صدمة الأحداث التي
مرت بها.
بعد مدة عاد الراعي الشاب إلى المدينة وسمع بخبر زواج
الأميرة من سائق العربة الذي أنقذها من التنين، غضب صديقنا كثيرا من هذا الخبر
وتوجه إلى القصر مباشرة وطلب لقاء الملك.
فقال للملك: "ما هذا الذي سمعته أنك تريد تزويج
ابنتك إلى سائق العربة، ذلك المحتال الذي كذب عليك وفي الحقيقة كلبي هذا فلفل هو
الذي قتل التنين وليس ذلك السائق المحتال."
عضب الملك من فكرة أن كلبا قد أنقذ ابنته وقال
للشاب:" ماذا ترين مني ان أفعل؟ أزوج ابنتي لكلبك أم ماذا". فرد عليه
الشاب: "لا أطلب منك شيئا فقط لا تشيعوا الأكاذيب".
عضب المبك جدا من وقاحة الشاب وأمر حراسه إلقائه في
السجن، وهذا ما ذكرته في بداية القصة أن شاب سجن ظلما.
ولكن يسعدني ان أخبركم أنه لم يبقى في السجن مدة طويلة
فسرعان ما جاء كلابه الأوفياء لإنقاذه، ملح جلب له الطعام وخردل الكلب الكبير
الأصفر حطم القضبان بأرجله الكبيرة، كم كان الشاب سعيدا برؤية أصدقائه من جديدة.
كان الشاب أكثر غضبا من ذي قبل على ما لقيه من الملك،
خرج من السجن وتوجه إلى القصر، كان الوقت ليلا ولم يكن هناك حرس كثيرون في القصر،
والذين كانوا هناك هربوا من الكلاب التي كانت تبدوا مخيفة جدا، لم يكن الشاب
مستعدا أن ينتظر أحدا ليصحوا ولو حتى الملك، فاقتحم الغرفة الملكية وقفز فلفل إلى
سرير الملك وأيقظه بنباحه.
فزع الملك من الكلب الذي كان على سريره، وتقدم الشاب منه
يحمل في يده سنا كبيرة كان تلك السن التي احضرها فلفل معه بعد قتله التنين، وقال
للملك:" هل ترى هذه السن، لقد أحضرها كلبي هذا بعد قتله التنين، هل تصدقني
الآن؟" فأجاب الملك :"نعم أصدقك ولكن أبعد هذا الكلب عني أرجوك".
في الصباح سأل الملك ابنته التي قالت أن ذلك صحيح فرغم
أنها لم ترى ما حدث إلا أنها سمع نباحا شديدا في الخارج، والآن بعد أن شاهدت
منقذها الحقيقي فقد وجدته وسيما وهي تفضل الزواج بصديقنا الشاب على أن تتزوج بسائق
العربة الأحمق.
وبهذا تزوج صديقنا الشاب الراعي من الأميرة وأصبح أميرا
وذهب السائق المحتال إلى السجن بسبب كذبه وادعائه شيئا لم يفعله، وعند حفل الزفاف
تذكر صديقنا أخته فأرسل في طلبها لتعيش معه.
فقال له فلفل :" الآن بعد أن تذكرت عائلتك فقد
انتهى عملنا".
وبهذا تحول الكلاب الثلاثة إلى طيور وطاروا بعيد للبحث
عن شخص صادق آخر يحتاج إلى مساعدتهم.
قد يعجبك أيضا:
مواضيع ذات صلة