-->

March 03, 2018

March 03, 2018

قصص للأطفال :الطفلان المغامران

Saturday, March 3, 2018 March 03, 2018

قصص للأطفال: الطفلان المغامران

الطفلان المغامران

في يوم من الأيام الجميلة كان يجلس طفلان على السياج يصنعان سهاما، قال أحدهما للآخر: "فلنفعل شيء مسليا"،
"حسنا، ما هو هذا الشيء؟"،
"نذهب إلى الغابة ونصبح صيادان"،
"ولكن ماذا نصطاد؟"،
"الدببة والثعالب"،
"قال والدي لا يوجد دببة ولا ثعالب هنا"،
" يمكننا إذن نصطاد السناجب أو الفئران الجبلية"
"ولكن ليس معنا أي سلاح أو فخاخ".
"لدينا هذه السهام وقد وجدت فخا  قديما خلف المخزن".
"وماذا سوف نأكل؟"
"ها هو غدائنا في السلة وعندما ينفذ يمكننا أن نشوي السناجب ونطهو السمك على النار، أعرف كيف".
"وكيف ستشعل النار؟"
"لدي أعواد ثقاب في جيبي، لا تقلق".
"لدي أشياء كثيرة يمكننا استعمالها ، دعنا نرى.."
وكأنه اقتنع في الأخير، عرض بيلي كنوزه و فعل تومي المقدام الشيء نفسه.
بالإضافة إلى خنجرين، كان هنالك خيوط وأعواد ثقاب وقطعة معجون وخطاطيف سنارة و منديلان قذران.
"هل ترى يا صاح هذه معدات صيادين من الدرجة الأولى، ومع هاتين السلتين المليئتين بالطعام يمكننا الذهاب في رحلة ليومين أو ثلاثة" قال تومي الذي كان يتلهف للذهاب.
"ولكن أين سننام ؟" سأل بيلي الذي يحب ان يكون في مكان مريح ليلا ونهارا.
"فوق الأشجار أو على أسرة من قش كالأبطال في القصص. إن كنت خائفا ابق في المنزل، سوف أمضي أوقاتا ممتعة في الصيد" ثم جمع تومي الأشياء ووضعها في جيبه وكأنه لا يوجد وقت يضيعه.
"أنا لست خائفا"  قفز بيلي واخذ عصاه وبدى خجولا من كثرة أسئلته.
لم يكن أحد يراقبهما وكان بإمكانهما السير بهدوء، ولكن ليكون الفرار من المنزل صحيحا فقد بدآ في الركض نحو الغابة وكأن قبيلة من الهنود الحمر تلاحقهما.
"هل تعرف الطريق؟" سأل بيلي عندما توقفا ليلتقطا أنفاسهما.
"نعم نتجه مباشرة إلى الجبل ولكن ينبغي أن لا نتبع هذا الطريق وإلا شاهدنا أحدهم وأعادنا إلى المنزل، علينا أن نكون صيادان حقيقيان ونحظى بالكثير من المغامرة، لذا علينا أن نتوه ثم نعرف طريقنا بالنظر إلى الشمس والنجوم." أجاب تومي الذي قرأ الكثير من كتب المغامرات للأطفال حتى أصبح رأسه مليء بمغامرات مكتشفي إفريقيا وصيادو البُفَلُو ورعات البقر، وكان يتوق لتجريبها كلها.
"ماذا ستقول أمهاتنا إن ضعنا حقا ؟" سأل بيلي الذي بحوزته دائما سؤال.
"أمي لن تكترث، إنها تدعني أفعل ما أريد" كان ذلك صحيحا، فأم تومي المسكينة سئمت من محاولاتها لجعل ابنها المفعم بالنشاط يتصرف بطريقة لائقة، وقد اعتادت أن تراه يرجع من مغامراته  من دون أذى يذكر.
"أمي ستذعر، إنها دائما تخشى أن أتأذى، لذلك أنا حذر، ولكن أعتقد أنني سأجازف هذه المرة ليكون عندي ما أرويه عندما أرجع إلى المنزل" قال بيلي وهو يتبع القائد تومي الذي كان يمشي دائما في المقدمة.
مزرعة-الطفلان

هذان الطفلان ذوي 11 عاما كانا يعيشان مع أمهاتهما في مزرعة قريبة من الجبل، وقد سئما من الدببة المروضة ، والنبع الصغير، والخراف في المرعى، من الفتيات الصغيرات والأطفال الصغار في الفندق القريب، قررا أن يفرا من المنزل ويذهبا إلى الجبل كما يفعل الصيادون في قصصهم المفضلة.
واصلا طريقهما عميقا في الغابة التي تغطي سفح الجبل، كان يوما ربيعيا جميلا والخضرة تملأ المكان، والكثير من الجداول الصغيرة تجري بين الصخور، والبرك الراكدة الهادئة، والسناجب تقفز بين أشجار الصنوبر الكبيرة، ومن حين لآخر يظهر أرنب رمادي ثم يختفي كما ظهر، أو طائر غريب يحلق مسرعا، أشجار التوت البري كانت تملأ المكان.
"ألا تعتقد أن هذا المكان رائع؟" سأل تومي بعد أن توقف أخيرا قرب جدول ينحدر ببطء من الجبل، تحت أشجار الصنوبر العملاقة.
"بالفعل، ولكن يكاد يغمى علي من الجوع، فلنستريح هنا ونتناول غدائنا"  أجاب بيلي وجلس على وسادة من الطحالب.
"أنت دائما تريد أن تستلقي وتستريح" أجاب تومي القوي الذي يفضل أن يتحرك طول الوقت.
وضع سلة الطعام التي كان يحملها على كفه وفتحها بحذر لأن غدائها كان ملفوفا بعناية في منديل يحتوي على الخبز والزبدة والحلويات وبعض الخوخ وزجاجة من الحليب.
تغير وجه تومي حين نظر داخل السلة، لأن كل ما وجده هو علبة ديدان للصيد ومعطف قديم.
" يا إلهي ! لقد أخذنا السلة الخطأ، هذه سلة مولن وقد أخذ سلتنا، ترى هل سيكون غاضبا منا؟"
"ليس أكثر غضبا مني الآن ! لماذا لم تنظر في السلة؟ أنت دائما مستعجل لتذهب، ما ذا سنفعل الآن من دون أي شيء يأكل؟" بدا بيلي ينتحب لأن تضييع سلة غذائه كانت ضربة قوية بالنسبة له.
" علينا صيد بعض السمك والتقاط التوت البري، أيها ستفعل أيها الطفل الباكي؟" قال تومي ضاحكا من وجه صديقه الكئيب.
"سوف أصطاد السمك، أنا منهك لدرجة أنني لن أستطيع التجول وجمع التوت بالإضافة أنني لا أحبه"  وبدأ بلي في تحضير سنارته.
"نحن محظوظون بهذه الديدان، يمكننا أكلها إن لم تستطع امساك أي سمكة" أجاب تومي وهو يفرغ السلة ويجمع أدواته.
"هناك بركة صغيرة هناك في الأسفل، اذهب واصطد هناك بينما أجمع أنا التوت البري، ثم سوف أريك كيف تحضر الطعام في الغابات، هذا مخيمنا وعليك أن تفعل ما بوسعك".
ثم ذهب تومي إلى مكان قريب كان قد شاهد فيه التوت البري، بينما القى بيلي بسنارته واستلقى في مكان مريح على العشب ينتظر أن يبتسم له الحظ، كان من العجيب أن تنجذب الاسماك لسنارته الرديئة ولكن الديدان السمينة أغرت العديد من الأسماك بالأكل وهو ما أفرح بيلي، كان تومي يجمع التوت ويصفر وفي نصف ساعة عاد بكمية كبيرة من التوت الجميل ومجموعة من الأغصان اليابسة لإشعال النار. 
"سوف يكون العداء شهيا رغم كل شيء" قال تومي بعد أن أشعل النار وبدأت الأوراق الميتة تعطي رائحة جميلة.
"لقد اصطدت أربع سمكات ولكني لا أعلم كيف سنطهوها ليس لدينا مقلاة" قال بيلي متذمرا ورمى الأسماك التي لم ينته من تنظيفها.
"لا أحتاج إلى مقلاة يمكننا وضعها على الجمر أو أن نشويها باستعمال أعواد" أجاب تومي بسعادة وهو منهمك في تغذية النار التي أضرمها كما يفعل الصيادون الحقيقيون.
كان بيلي يأكل التوت بينما يعمل ويتأسف على ضياع الخبر والزبدة، وبعد عناء كبير اثنان من الأسماك أصبحت نصف ناضجة وأكلها الطفلان الجائعان من دون انتظار نضوجهما. ولكنهما كانتا مختلفتان جدا عن الأسماك الذين تعودوا أكلها في منازلهما، وذلك رغم حرص تومي فقد سقطت في الرماد عدة مرات ولم يكن هناك ملح ليضيفه لها. وبعد نضج الأسماك كان الطفلان جائعان لدرجة لم يأبها للملح أو الرماد ولم يبقيا على حبة توت واحدة.
" لقد نصبت فخا هناك، فقد رأيت جحرا بين الأشجار، ربما تمكنا من اصطياد أرنب أو شيء آخر" قال تومي بعد أن أنهى السمكة الأخيرة، "اذهب واصطد المزيد من السمك بينما أنظر إن أمسكنا بأرنب عائد إلى منزله للعشاء".
ذهب تومي راكضا إلى مكان الفخ بينما عاد بيلي ببطء إلى البركة متمنيا لو كان في المنزل يتناول عدائه الشهي، لم يكن محظوظا في الصيد هذه المرة وغلبه النعاس بينما هو ينتظر ولكنه استيقظ فجأة على صراخ افزعه وسقط في البركة إلى ركبتيه.
" لقد أمسكت به، تعال وشاهده إنه يقاوم بشدة" صاح تومي من مكان قريب في الأدغال.
خرج بيلي من البركة وذهب بأقصى ما يمكنه بحذائه المبلل إلى مكان تومي ليشاهد الجائزة. شاهد تومي يرقص بفرح حول حيوان رمادي سمين الذي كان يقاوم ليخرج مخالبه من الفخ ويصدر أصوات غريبة.
"ما هذا الشيء؟" سأل بيلي بعد أن احتمى وراء شجرة بسرعة لأن الحيوان كان يبدو شرسا جدا.
"أعتقد أنه راكون أو فئر جبل كبير، سوف تكون قبعة مصنوعة من فرائه رائعة، أظن أن الأطفال الآخرين سوف يتمنون لو جاؤوا معنا" أجاب تومي من دون أن تكون له أدنى فكرة عما سيفعله بهذا المخلوق.
"سوف يعض، من الأفضل أن نبتعد عنه وننتظر إلى أن يموت" قال بيلي. 
"كنت أتمنى لو أدخل رأسه في الفخ أولا، هكذا كنت سأحمله ونواصل طريقنا، ولكنه يبدوا شرسا، لذا علينا تركه لبعض الوقت ثم نعود إليه لاحقا" قال تومي بفخر وهو ينظر إلى كومة الفراء الرمادي في الفخ.
"هل بإمكاننا أكله؟" سأل بيلي الجائع الذي كان مستعدا لأكل تمساح مشوي لو استطاع امساكه.
"إذا كان راكون فنعم ولكنني لا أعلم بخصوص فئر الجبل. الصيادون في الكتب التي قرأتها لم يمسكوا بأي منها. إنه جميل وسمين ربما نجرب أكله بعد ان يموت" قال تومي الذي كان مهتما بالفرو ليريه لأصدقائه أكثر من أشهى لحم يمكنه طهوه.
صوت إطلاق النار في الغابة أعطى لتومي فكرة جيدة....
"فلنبحث عن هذا الصياد ونطلب منه أن يطلق النار على هذا الشيء، وعندها لن ننتظر إلى أن يموت ونسلخه ونأكله في الحين".
أسرع الطفلان إلى مخيم الصياد حاملين أغراضهم ومتتبعين صوت الرصاص، كانا يحسان بالارتياح لكون شخص ما بالقرب لأن ساعتين أو ثلاثة في الغابة جعلتهما يحسان بالحنين إلى المنزل والناس.
جريا وتعثرا وأنصتا جيدا ونادا بصوت مرتفع ولكنهما لم يعثرا على مخيم الصياد إلا بعد قطعهما مسافة طويلة في الجبل، وجداه يرتاح في كوخ قديم للحطابين. بقايا عشاءه كانت مبعثرة على الأرض وكان يدخن ويقرأ الجريدة، بينما كلبه مستلقي قربه يحرس كيسا الصيد المملوء.
دهش حين رأى طفلين قذرين مبتلين بالقرب منه، الأول يبتسم بابتهاج والآخر يبدو كئيبا ومرتعبا من الكلب الذي بدأ يكشر عن أنيابه وكأنه رأى أرنبين.
"مرحبا" قال الرجل.
"مرحبا" أجاب تومي.
"من أنتما؟" سأل الرجل.
"صيادان" أجاب تومي.
"هل أسعفكما الحظ؟" قال الرجل ضاحكا.
"بكل تأكيد، لقد اصطدنا ركونا ونريد منك ان تأتي معنا لتقتله" أجاب تومي بفخر.
"هل أنت متأكد" أجاب الرجل بانتباه واستمتاع.
"لا ولكنني أعتقد ذلك"
"صفه لي"
وصف تومي الحيوان للصياد، ولكنه أصيب بخيبة أمل عندما عاد الصياد إلى مكانه وقال ضاحكا: "إنه فئر جبل ، لا فائدة منه".
"ولكنني أريد الفرو".
"إذن لا تطلق النار عليه، دعه يمت وحده هذا أفضل للفرو" أجاب الصياد الذي كان متعبا ولم يرد اللعب مع الطفلين.
بينما كان تومي يتكلم مع الصياد كان بيلي يحدق في بقايا الطعام الملقاة على الأرض ويشتم رائحتها كما كان الكلب يشتم رائحته.
"هل تريد بعضا من الطعام؟" سأل الصياد بعد أن رأى النظرات الجائعة لبيلي.
"لقد تناونا للتو غدائنا وكان مجرد سمكتين وبعض التوت البري" أجاب بيلي وعيناه تدمع ويده على بطنه.
"كلا ما تبقى إذن ، لقد تناولت غدائي ولا أرغب في المزيد" أجاب الصياد وعاد إلى سيجارته وجريدته وكأنه سعيد بأن ترك في سلام.
من حسن الحظ أن الصياد كان قد أطعم كلبه لأنه بعد عشر دقائق لم يبق من الطعام إلا المناديل واستلقى الطفلان على الأرض وقد استرجعا قواهما.
" من الأفضل أن تعودا إلى منزلكما، الجو بارد جدا في الجبال بعد غروب الشمس وأنتما بعيدان عن جدا عن المدينة" قال الصياد للطفلين الذي كان ينظر إليهما من حين إلى حين ولاحظ رغم قذارتهما أنهما ليسا من سكان الريف.
"نحن لا نعيش في المدينة، نعيش في مزرعة موفين في السهل القريب من الجبل، لدينا كفاية من الوقت ونعرف الطريق جيدا، سوف نقوم ببعض الرياضة أولا، يبدو أن الحظ حالفك اليوم" أجاب تومي وهو يحدق في كيس الصياد الذي يتدلّى منه رأس أرنب وذيل سنجاب.
"نعم ولكنني أريد أن أصطاد دبا، قيل لي أن واحدا يعيش في هذا الجبل وأنا أتتبعه، لأنه يهاجم الماشية وربما آذى شخصا ما في الجوار" أجاب الرجل وهو يجهز مسدسه ووجه عابس، لأنه كان يريد الطفلين أن يعودا إلى المنزل.
أحس بيلي بالخوف ولكن وجه تومي أشرق فرحا وهو يقول: "أتمنى أن تتمكن منه ، أحب أن أصطاد دبا أكثر من أي حيوان آخر ما عدى الأسد، لا يوجد أسود هنا والدببة نادرة، قال أبي إنه لم يسمع بوجود واحد منذ وقت طويل، وهذا الدب في الجوار لا بد أن يكون صغيرا لأنهم قتلوا الدب الكبير منذ سنتين".
كان ذلك صحيحا والصياد يعلمه، ولم يكن يتتبع دبا ولكنه ظن أنه عندما يقول للولدين ذلك فسوف يعودان إلى المنزل في الحال، ولكن عندما شاهد أن أحدهما لم يخف أبدا ضحك وقال لتومي :"لو كان معي الوقت لصحبتك معي وعلمتك كيف تصطاد، ولكن صديقك السمين لا يستطيع مجاراتنا ولا نستطيع تركه بمفرده، لذا اذهبا في طريقكما ولكن لا تصعدوا إلى الجبل أكثر من هذا، لأنه قد تأذيكما الصخور أو تضيعا"
"أووو، أضن أنه يجب أن نذهب معه بيلي، أعلم أن ذلك سيعجبك، صياد حقيقي ومسدس وكلب، هيا بنا ولا تكن جبانا" قال تومي وهو يتلهف للذهاب مع الصياد.
"لن أذهب، أنا جد متعب وسوف أعود إلى المنزل، تستطيع الذهاب للبحث عن الدببة لو أردت، أنا لا أحب الصيد على كل حال، و يا ليتني لم آت أصلا" رد بيلي وقد انزعج من فكرة تركه وحيدا، ورغم ذلك لم يكن يرغب في التسلق والجري مجددا.
"علي الذهاب الآن، عودا حالا إلى المنزل، ويما ما سوف آت وأصحبك معي أيها الصياد الصغير" قال الرجل ورحل مع مسدسه وكلبه تاركا تومي يواسي نفسه بذلك الوعد.
"فلنعد لنرى كيف فعل صيدنا" قال تومي بمرح بعد أن اختفى الصياد.
"ليس بعد أن أستريح، أود النوم على هذه الكومة من القش ثم نعود إلى المنزل قبل أن تغرب الشمس" أجاب بيلي الكسول وقد استلقى أين كان الصياد مستلقيا.
"أتمنى لو أنني صحبت فتى أكثر شجاعة منك، لست أفضل من الفتيات" تذمر تومي من صديقه واتجه إلى شجرة صنوبر كبيرة كان فوقها مجموعة من السناجب تقز من مكان إلى آخر وكأنها في حفلة.
حاول تومي اصابة أحدها بقوسه، ولكنه رمى كل سهامه دون أن يفلح في ذلك، ولكنّه أصاب طائرا بنيا كان على غصن الشجرة فأصابه السهم مباشرة في الصدر، تخبط المسكين وسقط على الأرض وسال دمه على العشب الأخضر في الأسفل. سعد تومي كثيرا في البداية ولكن عند شاهد عيناه تخفت وجناحاه يتوقفان عن الخفيق أحس بالأسف لأن حياة هذا الطائر المسكين انتهت بهذه الطريقة الوحشية، وأحسب بالندم والعار لأن لامبالاته ومرحه سببا للطائر المسكين كل ذلك الألم.
"لن أرمي طائرا آخر بعد اليوم ما عدى البومات التي تهاجم الدجاج، ولن أتباها بقل هذا المسكين، لقد كان جد مروض ووثق بي ، لقد تصرفت بوحشية كبيرة"
عند قول ذلك كان تومي يمسح على ريش الطائر الميت بين يديه، ثم حفر له حفرة صغيرة تحت الشجرة ودفنه فيها مغطا بأوراق الأشجار، وتركه هناك أين يمكن لزوجه الغناء فوقه وأين لا أحد يزعج راحته.
"سوف أخبر أمي وأعلم أنها سوف تتفهم، ولكن لن أخبر بيلي إنه شره جدا وأعلم أنه سوف يقول لماذا لم تحضره لنأكله على العشاء." فكر تومي وعاد إلى مخيم الصياد أين كان بيلي نائما واستلقى على العشب إلى أن استيقظ بيلي وقد عاد له بعض مرحه بعد النوم.
حاولا العودة إلى مخيمهما ولكنهما توغلا أكثر في الغابة وأضاعا طريقها إلى أن وصلا إلى طريق مسدود بين الصخور. حاولا التسلق ثم حاولا العودة ولكنهما لم يعثرا على طريق العودة، والشمس بدأت في المغيب، التقطا بعض التوت للعشاء، وبدأ قلقهما يزدان مع مرور الوقت وهما لا يجدان نهاية لهذه الغابة وهذه الصخور. من حين إلى آخر كانا يسمعان طلقات الصياد فيصيحان ويحاولان اللحاق به.
عاتب تومي بيلي على رفضه الذهاب مع الصياد الذي يكون الآن في السهل بعد أن سمعا آخر طلقة من بعيد. كان بيلي يبكي ويلوم توم على اقتراحه الهرب من المنزل، وكلاهما أحسا بالحنين إلى أميهما وإلى سريريهما المريحين في المنزل.
غابت الشمس وهما في مكان مخيف، وقد أنهكهما التعب وبالكاد كانا يمشيان، أرادا الاستلقاء والنوم ولكنّهما تذكرا قصة الصيّاد عن الدب ولم يجرآ على فعل ذلك، ولكن تومي اقترح أن يصعدا إلى شجرة ويناما هناك بعد أن يوقدا نارا تحتها ليخيفا الدب.
ولكن للأسف أعواد الثقاب كانت في مخيمهما الذي ضيعاه وفي الأخير قررا أن يتناوبان على النوم والحراسة بما أنه قد أصبح جليا أنهما سيقضيان الليلة في العراء.
تسلق بيلي أولا وزحف إلى غصن يصلح للنوم وحاول النوم، بينما كان تومي الشجاع يغدو ويجيء في الأسفل مسلح بغصن شجرة، ومن حين إلى حين يسأل بيلي من فوق الشجرة: "هل هناك شيء قادم؟" ويرد عليه تومي من الأسفل :"ليس بعد اسرع ونم لأنني تعبت وأريد ذلك".
في النهاية بدأ بيلي بالشخير وأحس تومي بالوحدة الشديدة ولم يطق ذلك فتسلق إلى غصن أسفل وحاول الحراسة من هناك ولكنه أيضا غلبه النعاس وغط في نوم عميق.
صراخ عال وحركة فوق رأسه أيقظت تومي من نومه فجأة حتى أنه لم يعلم أين هو للحظة.
ملئ صراخ بيلي صمت الليل الشديد: "الدب، الدب، لا تدعه يمسك بي، تومي تعال وخلصني منه أرجوك." 
نظر تومي إلى الأعلى وهو يتوقع أن يرى دبا كبيرا ممسكا بصديقه المسكين بيلي، ولكن ضوء القمر كشف أن بيلي كان معلقا من حزامه على غصن الشجرة بعد أن سقط من مكانه، كان يحلم بالدب وتقلب وسقط ولكن غصن الشجرة أمسكه ولم يقع على الأرض وبقي هناك يضن أن الدب ممسك به وبصعوبة أقنعه تومي أنه بخير.
بيلي-عالق-في-الشجرة

كيف ينزله من الشجرة كان السؤال التالي الذي سأله تومي لنفسه، بالرغم من أنه صعد إليه وحاول فكه إلا أن الحزام كان مربوطا بإحكام، ولم يكن في مقدور بيلي أن يفكّه أو أن يرفع رجليه ويخلص نفسه. لم يكن هناك حل سوى قطع الحزام ولكنّ فكرة السقوط على الأرض من ذلك المكان العالي أخافت بيلي جدا، من حسن الحظ أن الحزام كان قويا ويتحمّل وزن بيلي ولكنّه بقي معلاقا على الغصن، بينما يحاول صديقه ايجاد حل في الأسفل.
قال بيلي أنّه سوف يقطع إلى نصفين لو لم يفعلا شيئا، وتومي أحس باليأس إلى أن سمعا نداء بعيدا وبدآ في الصياح إلى أن كادت حبالهما الصوتية أن تتقطع.
"إني ارى ضوء يتحرك في ذلك الاتجاه" أشار بيلي إلى اتجاه السهل من مكانه العالي.
"إنّهم يبحثون عنّا ولكنّهم لن يسمعونا من هنا، سوف أذهب إليهم وأحضرهم إلى هنا" أجاب تومي بسعادة لأنّه أخيرا كان في مقدوره فعل شيء لصديقه.
"لا تتركني وحدي، قد ينقطع الحزام وأسقط و أموت، أو قد يأتي الدب ويأكلني" صرخ بيلي وأراد قطع الحزام ولكنه لم يجرأ.
"لن أذهب بعيدا وسأعود في أقصر وقت ممكن، أنت في أمان في الأعلى تمسك وسوف ننزلك سريعا" أجاب تومي وانطلق راكضا غير آبه بما يمكن أن يصيبه في جناح الليل.
كان ضوء القمر يضيء له الطريق ولكن بمجرد دخوله في منطقة مليئة بالأشجار أصبح الظلام حالكا، وتعثر وسقط عدة مرات ، كان يقفز فوق الأحجار وبرك الماء ويعدوا مسرعا إلى أن سقط في حفرة عميقة بقي جامدا للحظات من أثر السقوط، كانت الحفرة فخا قديما للدببة ومن حسن الحظ مفروشة بأوراق الأشجار الميتة وإلا كانت عظام تومي المسكين حطمت.
عندما استعاد وعيه كان جد منهك ليفكر في أي شيء وبقي في مكانه في حالة من الشرود حيث ضاع شخص في حفرة آخر على شجرة، وعلى العموم الهروب من المنزل لم يكن ممتعا أبدا.
مع الوقت صوت اطلاق النار أرجعه إلى وعيه وعندما تذكر بيلي المسكين حاول جاهد تسلق الحفرة، ولكنها كانت عميقة جدا وكان هو منهكا جدا فلم يستطع، فبدأ بالصياح والصفير تماما كما يفعل دب وقع في الفخ.
من الصعب جدا العثور على شخص في تلك الغابات الكثيفة، والكثير كانوا يحومون قريبا من المساعدة ولكنهم لم يجدوها بسبب كثافة الغابات، البعض فقدوا حياتهم هناك، وبينما كان تومي في الحفرة أخذ يفكر في تلك الحكايات التي كان يسمعها في المزرعة ويتساءل كيف يكون الموت جوعا داخل هذه الحفرة، وتمنى لو أن بيلي يقاسمه سجنه هكذا يموتان معا كما في القصص التي كان يقرأها.
"أعتقد أن أمي قلقة الآن، لم يسبق لي أن قضيت الليل في العراء، ولن أفعله مجددا، الأمر مسلي رغم ذلك ولكن شرط أن يعثروا علي، لطالما تمنيت أن أقضي الليل في العراء وها أنا أفعله الآن، أتمنى أن يكون بيلي المسكين سالما ومعي على هذا الفراش المريح، ألا يكون المسكين خائفا لوحده هناك؟ ربما انقطع الحزام وسقط وتأذى، أشعر الآن بالأسف لأنّني تركته لوحده، ها هو صوت اطلاق النار مجددا، ربما يكون ذلك الصياد يبحث عنّا"
بدأ تومي في الصراح والنداء مجددا وظن أنّ أحدا ما يرد عليه ولكن لم يكن سوى صدى صوته لأنه لم يظهر أحد، وبعد أن أجهد صوته من دون نتيجة استسلم للنوم لأنه لم يكن في مقدوره فعل شيء.
وهكذا انتهى بهما الأمر واحد معلق على الشجرة كالتفاحة، والآخر عالق في حفرة عميقة، وأمهاتهما تندبان وتلطمان في المزرعة بينما خرج جميع الرجال للبحث عنهما، ذكر الصياد عند عودته إلى الفندق أنه التقى بالطفلين الهاربين وحاول ارجاعهما إلى المنزل قبل أن يتأخر الوقت، وبذلك عرف الرجال أين يبحثون، وانطلق الجميع يقودهم الصياد وكلبه إلى الجبل، كان القمر بدرا ذلك اليوم ورحلة البحث كانت تبدوا في البداية سهلة، وانتشر الرجال في الغابة ومصابيحهم تنير وكأنهم فراشات ليلية، الغابة أصبحت صاخبة بصوت الرجال الذي كان يملأ المكان الذي كان يملأه عادة صوت خرير المياه أو أصوات الطيور، ولكن مع مرور الوقت ولم يظهر أثر للطفلين بدأ الرجال ويشعرون بالقلق وظنوا أن مكروها قد أصابهما.
قرر الرجال مواصلة البحث وقال الصياد :" الطفل البدين لن يتحمل هذا، لو لم يكن مع الطفل الآخر لأخذته معي وعلمته كيف يصطاد، أنا آسف أنني لم أعدهما إلى المنزل وتركتهما يذهبان" ولكن الصياد قد أدرك خطأه متأخرا جدا كما يفعل الكثير.
"ربما سقطا من جرف وماتا" اقترح أحدهم فأجابه آخر في الحال :"اخرس وهيا نتبع الكلب، إنه ينبح بشدة في ذلك الاتجاه ربما يكون قد عثر عليهما".
اسرع الجميع إلى مكان الكلب الذي كان ينبح على شيء في أعلى شجرة، لقد كان بيلي المسكين معلق هناك شبه واع من التعب والخوف.
صعد رجلان إلى الشجرة وأنزلاه "إنه بخير، مجرد خائف، أمسكه ودعنا نبحث عن الطفل الثاني" قالا للرجل الذي كان ينتظر في الأسفل ليتلقاه.
كانت قبعت تومي واقعة على الأرض، فالتقطها الصياد وقربها من كلبه ليتعرف على الرائحة، فبدأ الكلب يشم الأرض ويتتبع الطريق الذي سلكه تومي، تبعه بعض الرجال بينما بقي الباقون ليعتنوا ببيلي المسكين.
وفي الأخير وصل الكلب إلى فخ الدببة وبدأ في النباح.
"لقد وجده" صاح الرجال بفرح وأسرعوا إلى المكان الذي توقف فيه الكلب.
كان وجه تومي فقط باديا في ضوء القمر وباقي جسمه كان مغطى بأوراق الأشجار، كان يبدوا ساكنا وبقي الرجال لحظة ساكنين هم أيضا مخافة أن السقطة في الحفرة قد آذته، ثم نزل أحد الرجال إلى الحفرة ولمس خده الدافئ بلطف وسمع صوت شخيره فقال بارتياح "إنه بخير، هيا استيقظ أيها الصياد الصغير، أنت مطلوب في المنزل، هل اكتفيت من الصيد اليوم؟".
عندها فتح تومي عينيه وتمطى وقال: "أهلا بيلي" بهدوء وكأنه في سريره في المنزل، ولكن أراق الأشجار وضوء القمر والرجال فوقه أعادت إليه وعيه.
"هل اصطدت الدب الكبير؟" قال للصياد وهو يبتسم.
"لا ولكني اصطدت واحدا آخر صغير وإنه هنا" قال الصياد وهو يداعب تومي وكان مسرورا لأنه لم يبك أو يصرخ كما فعل صديقه بيلي.
"لقد ضعنا أليس كذلك؟ أين بيلي ؟ لقد تركته معلقا على شجرة كالسنجاب ولم يستطع النزول" ضحك بيلي وقام مسرعا وهو جاهز للعودة حالا.
ضحك الجميع وذهبوا لينظموا إلى الرجال الآخرين الذين كانوا مع بيلي الذي كان في تلك الأثناء جالسا يتناول عشاءه الذي أرسلته أمه مع الرجال.
استمع الرجال لمغامرات الطفلين وما عاناه خلالها وعندما استعادا نشاطهما انطلقوا جميعا نحو المزرعة، أطلق الرجال طلقات من مسدساتهم ليعلم بقية الرجال أنهم قد عثروا على المفقودين.
كان بيلي صامتا خلال رحلة العودة وكان سعيد جدا برجوعه إلى أمه ولكن تومي رفض أن يحمل ومشى طول الطريق رغم ألم قدمه، لقد كان بطل هذه المغامرة ولم يسأم من سرد قصته وكيف اصطاد فئر الجبل وشوى السمك وكيف وقع في الحفرة ونام هناك، ولكن في قرارة نفسه قرر ألا يعاود الكرة حتى يصبح كبيرا، ورغم أنه قد اصطاد العديد من فئران الجبل ذلك الصيف إلا أنه لم يصطد أي طائر وفاءا بالعهد الذي قطعه على نفسه.
شكرا على القراءة والمتابعة
لا تنسى تصفح والاعجاب على صفحة الفيسبوك 

قد يعجبك أيضا:
قصص للأطفال: السيارة الحمراء المغرورة
قصص للأطفال: إبن آوى الذكي والنمر الغبي
قصص للأطفال: الأسد والبعوضة
قصص للأطفال: الشرنقة و الفراشة
قصص للأطفال: القرد والتمساح
حركة واحدة

تعليقات

  • فيسبوك
  • جوجل بلاس
جميع الحقوق محفوظة لـ قصص للاطفال

تصميم و تكويد